
من الإلحاد الى القوات... إنضموا إلينا
الالتزام هو الارتباط بمجموعة قيم ومبادئ تتبناها قناعة كل فرد منا. وعندما نضيف فعل الايمان عليها نصبح اصحاب حق مناضلين في وجه الطغاة, ولو كنا اقل الاقليات في شرق البراكين الدموية الطائفية.
من هنا , يمكن ان تتمحور مواضيع عدّة ، اهمها "المسيحية". منذ بدء البشارة بالسيد المسيح ، كثر اتباعه ، انما في الحقيقة ، كثر من كان ايمانهم ملتبساً . فكيف يمكن لهؤلاء الذين يدّعون الايمان ان لايلتزموا بأسرار الكنيسة؟ أيعقل ان يكون الايمان ناقصاً؟ ليس كل من قال" يا رب" يؤمن، فلتلك الصفة طريق جلجلة وحرمان وحياة مكللة بالمجاعة الى السلام.
في المسيحية ، يكون الخوف عدواً لأنكم به تنكرون قدرة الله العظيمة والآلام الكبيرة وتتجاهلون الحياة الأبدية التي هي انعكاس شدّة محبة الله لابنه الانسان.
لا تتخلوا عن كونكم اناساً لارضاء اجسادكم الرثة , فبها تموتون موتاً وخيماً واكيداً. هناك جسر واحد لتحرير ارواحكم ، وهو المثابرة لامتلاك الحق والضمير.
انه قراركم , ان التزمتم او لا , و لكن ما نفع الحياة ان تكون في بؤر فراغ. أأنتم جاهلون لا تهمكم القضايا الانسانية ، لا تمتكم صلة بمعنى العذاب والفقر او انكم تهربون خوفاً من العطاء؟
اعطوا وقتكم لله لئلا تصبحوا في خبر كان. فمن يحب نفسه يهلكها.
اعطوا الوطن ثمن الأخطاء التي ارتكبت بحقه. اعطوا قديسيه لحظات محبة وخشوع لتنالوا بدوركم حق الحياة والمحاسبة.
نرى اهمية الايمان من خلال الانجيل ، بما له من أسرار، اذ متى وجدت علينا الالتزام . كذلك هي القوات اللبنانية، لها اسرار يمكن ان تندرج تماماً في اساسات الايمان المسيحي.
وانطلاقاً من " ليس كل من قال انا قواتي اصبح من القوات " تكمن اهمية الالتزام. فكيف لمن لا يتعهد بتبنّي كل القيم ، ويتعهد بتبشيرها ان يساوي نفسه بالملتزمين؟ لذلك بدل المجاهرة ، كونوا واقعيين ، ضحوا في سبيل اهمية الانسانية، فانّ تبنّي القوات للانسان ككل ، بغض النظر عن هويته الدينية ، يذكرنا بما تبنّته كل المراجع الدينيّة .
فقبول الآخر والحرية الدينية صفتان نتسلح بهما من اجل بناء الجمهورية القوية التي هي تجسيد لرسالة موارنة الشرق الاوّلين، بغية نيل الحرية والاستقلال، وجعل لبنان دولة متعدّدة الطوائف والمكونات، يعيش فيها المواطن بهويته الدينية وحريته الانسانية، رغم ما عرف المحيط من أنظمة ديكتاتورية وامبراطوريات ال " انا او لا احد ".
انّ القوات اللبنانية حزب غير تقليدي، في عصر الاصولية الدينية والتطرف، وهو لم يكتف برفض اضطهاد المسيحيين فقط، بل رفض واستنكر اي عملية اغتيال، أكانت الضحية مسلمة او مسيحية، وبالتالي، هو يساند الانسان الحر، مراعيا" بذوره الالوهية، متبعاً سياسة مهادنة الجسد وغريزة التملك، لأنه ليس بالمال وحده يحيا الانسان والوطن.
لماذا لا نرتقي بأولوياتنا، فنجعلها وطنية، التزاما" بأهداف رسمت مع بدء زمن الموارنة وصولا" الى زمننا في القوات اللبنانية؟ اجعلوا معركة الحياة بقيادة الله ، و ليس ابليس. انها المعركة الحقيقية للقوات. فلا يمكن ان يكون الانسان الطرف الثالث ، بين الله وابليس ، بين الحل والسبب، ان لم يكن الاول يكن الثاني.
اذاً علينا ان نجعل من انفسنا مصدر حلّ لأن الاحادية لا تنفع بل تضرب الكيل بكيلين. كما ان المسيحي لا يكتفي بقبول الآخر فقط انما يدعو للبشارة. كذلك عليكم عدم الاستسلام لما آلت اليه الحياة بسبب اخطاء الآخرين، على العكس، عليكم تصحيحها لئلا تصبحوا من ابرز المشاركين بتسببها. كونوا الخميرة المسيحية الفاعلة ومارسوا حياة مجبولة بالأهداف والرسائل ، انتسبوا لنكثر الاصوات الهاتفة بالسلام. فالقوات اللبنانية ليست صانعة حروب بل وليدتها من رحم تلك الايام السوداء ، ولدت دفاعاً عن الارض والهوية. فالحرب لم تكن خياراً بل قدر لا مفر منه. اما اليوم فباتت متمسكة بالسلم لأنه خيارها. من هنا بتنا ابناء مستقبل وعلم طامحين الى بناء دولة تتغنى بروح الجمهورية القوية. انتسبوا لنكمل ما بدأ الدكتور شارل مالك عندما رفع باسم لبنان راية حقوق الانسان في الامم المتحدة .
بين خيارات الارض وخيارات السماء ، في القوات يكون الخيار واحداً، انتسبوا لجعل الارض سماء تنعش الاحياء وتقيم الشهداء .
كحاجة امواتكم للصلاة كذلك حاجة شهدائنا واحيائنا للانتساب، فانتسبوا اكراماً لهم .
مطالبون بالحرية في سجنهم الكبير والصغير، استشهدوا لنبقى نحن ونتحرر. فانتسبوا الى قدركم لأن الحرية قدر الاحرار.
لقد حررنا يسوع من كل شيء وقال " سيضطهدونكم " من أجل الحرية, طالبوا ولا تخافوا فنحن ملتزمون بوعود العذراء مريم لحمايتها لبنان.
انتسبوا لدولة القوات اللبنانية، فهي دولة بلا سلاح، دولة الشباب والثورة على ماض وحاضر مكبّل بالاضطهادات المباشرة وغير المباشرة. انتسبوا للوطنية, فعندما نكون لبنانيين نكون ابناء الوطن، وعندما نكون مسيحيين نكون ابناء الكنيسة. لذلك عليكم الانتساب لرفع شعارات " على هذه الكنيسة سأبني وطني ". كي لا يفقد الشعب الاحساس بأنه يمثل المسيح في هذا الشرق، انتسبوا.
لم أكتب لتقرأوا بل لتنصتوا الى اصوات ضمائركم و وجع شهدائكم اذا ضاع ما بدأوه.
نحن نسعى الى حياة حرة مع المسيح منذ أن كان الموارنة جماعة صغيرة كوّنت حول دير مار مارون – العاصي، على اثر المحن والصراعات العقائدية، فأصبحنا أحفاد الذين جعلوا من صخور جبل لبنان ارضاً مثمرة، فلا تستهتروا بتلك القرابة.
دعونا نبقى ممثلين للسيد المسيح، فالله جعل صورته على شكل انسان وخالط الناس فأحبهم ومن ثمّ افتداهم، لذلك عليكم انتم ايضاً ان تجعلوا من انفسكم الصورة المرجوة منكم والتي هي معدّة لكم كونياً.
في الختام، اذكركم بأن الرب يدعونا الى التمسك بوجود المسيحيين في الشرق عموماً وفي لبنان خصوصاً، وبطريقة مباشرة أهدانا قديسين دلالة على هذه الدعوة ودلالة على أحقية وجودنا. فهيّا لننذر عصبنا تعلقا" وحبا" بتراب هذه الارض الطاهرة ونحقق ارادة الرب ومشروع الموارنة.
فاذا كنتم مقتنعين بأن واجبكم امام الرب يدعوكم الى المشاركة بالذبيحة الالهية كل الآحاد، ما يعكس التزامكم وانتماءكم الى الكنيسة، فكيف تبرهنون التزامكم وانتماءكم الى الوطن الذي هو منبع القداسة؟
بقلم الرفيق سليمان جعجع.