توق للكمال

22/09/2015 16:10

بضعة أسئلة يغرق فيها فكري لأعوم بعدها بأجوبة قريبة جدا من الايمان و الحقيقة.

لماذا يسعى الانسان لأن يكون صالحا في الوقت الذي يمكن وصف ميله للشر كواقع لا مفر منه ؟
 

ان الكائن البشري في صراع مستديم بين الخير و الشر, اذ لا ننكر أن الخطيئة الاصلية جعلت منه فريسة سهلة أمام أبسط الشرور و لكن كيف ينسى أن بذوره آتية من الله فباتت الهية ؟ من هنا تكمن صورة الانسان الذي يسعى الى الكمال و من هنا ايضا اصبحت الصلاة توقا لامتناهيا في الكيان المتناهي لتقترب الروح اكثر فاكثر من خالقها.
 

و لكي نصبح أناسا فعلا أي أن نحقق توقنا الكياني الى الكمال, علينا معرفة الله الخالق الذي ينتظرنا بفارغ الصبر مهيئا يديه لاحتضاننا, و لكن صورة الكمال هذه لا يمكن أن نحصدها الا من خلال الصيرورة أي أن نصير كحقيقة الخالق, فمن يعاشر الكمال يصبح مع الزمن مماثلا له و بالتالي صدق القول الشائع "قل لي من تعاشر أقل لك من أنت". كذلك فان الانسان خلق للقداسة لكن كائن اليوم جعلها مستحيلة بجهله لها و لخالقها, فالقداسة تعني المحبة أيعقل أن نجهلها و نحن الذين ارتوت أرواحنا بها منذ المعمودية؟ فان كانت الدعوة ايها الرفاق هي القداسة يعني أننا كلنا قادرون على تحقيقها لأن الله لا يجعل من مشيئته أمرا مستحيلا بل يهبنا القدرة و يساندنا بحمل هذا الصليب. و في رسالة من رسائل العذراء مريم للتأكيد على هذا الهدف, جاء فيها:" أنا أمكم, فلذلك أريد أن أقودكم الى تمام القداسة. و أريد أن يكون كل واحد منكم سعيدا هنا, على الأرض, و أن يكون معي, بعد ذلك, في السماء. هذا هو, أولادي الأحبة, هدف مجيئي الى هنا. و هذه هي رغبتي". اذا, ان الذخيرة الوحيدة الصالحة هي الصلاة كسلاح لمحاربة شهوات الجسد و الارواح النجسة لانها لا تستكين بحرب المعركة الواحدة, بل تقرع الطبول كل يوم و تهلل بمجيئها بغية تشتيتنا عن طريق الخلاص.
 

لذلك فان المداومة على الصلاة هي أساس العلاقة مع الله الآب و ان كنا ندعوه حبيبا فأي انسان منا أحب آخر و لم يجعل لقاءاته به يومية؟ 

بقلم الرفيق سليمان جعجع 

Search site